تواصلت اليوم الأربعاء أعمال اليوم الثاني من المؤتمر العاشر لمعامل التأثير العربي الذي تستضيفه جامعة الملك خالد في مركز المعارض والمؤتمرات بالمدينة الجامعية بالفرعاء، تحت شعار "النشر العلمي واقتصاد المعرفة". وقد شهد اليوم الثاني جلسات حوارية متخصصة وأوراق علمية ثرية ناقشت أبعادًا جديدة تتصل بالابتكار الدوائي، والملكية الفكرية، والتمويل المستدام، والشراكات البحثية، إضافة إلى الأثر الاقتصادي للنشر العلمي ودوره في دعم الصحة الرقمية، وذلك بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء من مختلف الجامعات العربية.
وافتُتحت أعمال اليوم الثاني بورقة علمية قدمها رئيس جامعة المنصورة الجديدة الأستاذ الدكتور معوض الخولي، بعنوان"مسار الابتكار من الفكرة إلى السوق"، شدّد فيها على أن الابتكار أصبح ضرورة للتنمية المستدامة لا خيارًا ترفيهيًا. وأوضح أن التحدي الأكبر يكمن في الفجوة بين البحث واحتياجات السوق، مؤكدًا أهمية بناء مسارات متكاملة تتدرج من الفكرة إلى المنتج مرورًا بالدعم والتمويل والحواضن.
واستعرض الدكتور معراج هواري من جامعة غرداية ورقة بحثية أوضح فيها أن الأساتذة يرون البحث محركًا للتطوير، إلا أن العوائق تتجسد في قلة الملتقيات وضعف التعاون المؤسسي. وأشار إلى أن حملة الدكتوراه أكثر إيجابية، داعيًا إلى إنشاء مراكز بحثية فاعلة وربط الجامعات بالمؤسسات المجتمعية والصناعية.
تلا ذلك جلسة حوارية بعنوان "مسرّعات وحاضنات.. جسر العبور إلى السوق"، أدارها الأستاذ الدكتور محمد علي عسيري من جامعة الملك خالد، بمشاركة رئيس جامعة المنصورة الجديدة الأستاذ الدكتور معوض الخولي، والأستاذ الدكتور إبراهيم سيد حسين من جامعة الملك خالد، والدكتور معراج هواري من جامعة غرداية. وقد ناقش المشاركون أهمية الحاضنات والمسرّعات في تحويل الأفكار البحثية إلى منتجات قابلة للتسويق، وتعزيز التكامل بين الجامعات والقطاع الصناعي.
وفي محور الملكية الفكرية، قدّم الدكتور خالد عريج من جامعة الملك خالد ورقة بعنوان "سياسات الملكية الفكرية وتقييم الأصول المعرفية". حيث أشار إلى التحديات المتعلقة بإدارة البيانات وتكاملها مع النظم الصحية، مقابل الفرص الكبيرة التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتحالفات البحثية. وأكد أن الصحة الذكية أصبحت عنصرًا رئيسًا في بناء اقتصاد المعرفة.
كما ناقش الدكتور يحيى القحطاني من جامعة الملك خالد موضوع "الملكية الفكرية والترخيص العلمي"، مبرزًا دورها في تحويل البحث العلمي إلى قيمة اقتصادية مباشرة عبر عوائد مالية، وتحسين الجودة، وتعزيز التعاون بين الجامعات والصناعة. وأشار إلى التحديات المرتبطة بالتشريعات القانونية، فيما استشرف مستقبلًا يعتمد على منصات عربية مدعومة بتقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي.
تلا ذلك جلسة حوارية بعنوان "بناء مكاتب نقل تقنية فعّالة في المنطقة العربية"، أدارها الدكتور محمد سعيد القحطاني من جامعة الملك خالد، وشارك فيها معالي نائب وزير التعليم العالي المصري الأسبق الأستاذ الدكتور عصام خميس، والدكتورة أريج العسيري، والدكتور خالد عريج من جامعة الملك خالد. وقد ركزت النقاشات على تفعيل أدوار مكاتب نقل التقنية العربية وربطها بالابتكار والصناعة.
في السياق ذاته، تناول الأستاذ الدكتور إبراهيم السيد من جامعة الملك خالد موضوع "الشراكات بين الجامعات والصناعة"، مؤكدًا أن تسويق الأبحاث وتحويلها إلى منتجات وخدمات يتطلب شراكات حقيقية بين الجامعات والقطاع الخاص. وعرض نماذج ناجحة مثل سابك والبنك الأهلي المصري، مبينًا أن التعاون يمكن أن يتخذ أشكالًا متعددة تشمل التراخيص والحاضنات والشراكات البحثية.
من جانبه، تناول الدكتور عبداللطيف محسنة من جامعة الملك خالد، ورقة علمية عن الابتكار الدوائي كركيزة أساسية للأمن الصحي والاقتصادي العربي، مشيرًا إلى التحديات المرتبطة بالاعتماد على الاستيراد وارتفاع الكلفة، مقابل الفرص الكبيرة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي والتجارب السريرية والتحالفات مع مستهدفات رؤية 2030. وأكد أن الدواء يمثل استثمارًا وطنيًا استراتيجيًا لا غنى عنه.
بعد ذلك عُقدت جلسة حوارية بعنوان "اقتصاد المعرفة كسوقإقليمي موحّد"، أدارها الدكتور خالد عريج من جامعة الملك خالد، بمشاركة رئيس معامل التأثير العربي الأستاذ الدكتور محمود عبد العاطي، والأستاذ الدكتور إبراهيم السيد حسين، والدكتور عبداللطيف محسنة من جامعة الملك خالد. وقد تناولت الجلسة آفاق التكامل العربي في بناء اقتصاد معرفي قادر على المنافسة عالميًا.
وفي محور التمويل، أكد الدكتور محمد عسيري من جامعة الملك خالد أن استدامة البحث والابتكار لا يمكن أن تتحقق دون تنويع مصادر التمويل، مشيرًا إلى أن الاعتماد على الدعم الحكومي وحده لم يعد كافيًا. واقترح حلولًا متعددة تشمل الأوقاف الجامعية، والشراكات مع القطاع الخاص، ورؤوس الأموال الجريئة، معتبرًا أن تنويع التمويل هو الضامن لاستدامة الابتكار.
أما الدكتور أحمد الشيخ من جامعة الملك خالد، فقد تناول موضوع "الأثر الاقتصادي للنشر العلمي"، مشيرًا إلى أن النشر العلمي يعُد محرك اقتصادي يتأثر بعوامل التمويل والبنية التحتية والسياسات البحثية وليس مجرد إنتاج معرفي. واقترح حلولًا تقوم على سياسات حوكمة واضحة، وتمويل متنوع، وشراكات عابرة للحدود، وصولًا إلى توصية بإنشاء منطقة ابتكار عربية موحدة.
واختُتمت فعاليات اليوم الثاني بجلسة حوارية بعنوان "تحالفات وتمويل مشترك.. من المبادرة إلى التفعيل"، أدارها الأستاذ الدكتور متعب الغامدي من جامعة الملك خالد، بمشاركة الدكتور محمد أحمد عبد الحكيم من جامعة حلوان، والأستاذ الدكتور محمد علي عسيري، والدكتور أحمد الشيخ من جامعة الملك خالد. وقد ناقشت الجلسة أهمية التحالفات العربية وتمويلها المشترك في تمكين منظومة البحث والابتكار.